عبدالرحمان مغاري
عدد المساهمات : 66 تاريخ التسجيل : 01/04/2012
| موضوع: حول استصدار القوانين التنظيمية وشرعية الحكومة الحالية الإثنين أكتوبر 15, 2012 4:09 am | |
|
حول استصدار القوانين التنظيمية وشرعية الحكومة الحالية المقال التالي ، يستند على الكتابات الواردة في بعض المواقع الالكترونية المغربية ، وهي عبارة عن كتابات يستشف منها تأويلات ابعد عن الموضوعية و تتطلب الاجابة عنها ، خصوصا وان المفاهيم والمصطلحات المستعملة في تلك الكتابات ذات الارتباط الوثيق بعلم السياسة ، وان استعمالاتها طرحت العديد من النقاش الايديولوجي في وقت من الاوقات كما هو حال مفهوم الشرعية الذي تضمنته الكتابات السالفة الذكر ، هذا من جهة كما تضمنت نفس المقالات مسألة هي محط نقاش يرتبط بالتنزيل الصحيح للدستور، ويتعلق الامر بالفصل 86 من الدستور الحالي الذي يشير الى عرض القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الاولى التي تلي صدور الامر بتنفيذ الدستور ، وهكذا فان من تجليات الورقة التالية السعي الى تقديم توضيحات بصدد كل من الفصل السالف الذكر وكذلك بشأن شرعية الحكومة الحالية لكونها – حسب الكتابات السالفة الذكر - لم تف بالمطلوب منها دستوريا.
1- في شأن القوانين التنظيمية: القوانين التنظيمية هي من اختصاص الحكومة ( السلطة التنفيذية ) وهي منظمة دستوريا ،وذلك ما نص عليه الفصل 72 من الدستور الجديد ( 30 يوليوز 2012) حيث اشار الى انه " يختص المجال التنظيمي بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون." كما مكن الدستور الحكومة في فصله 73 ، من تغيير النصوص التشريعية الصادرة عن البرلمان من حيث الشكل بعد موافقة المحكمة الدستورية – الفصل 29 من الدستور الحالي - ويتعلق الامر بمضمون يدخل في مجالات السلطة التنظيمية.
كما تجدر الاشارة الى ان القوانين التنظيمية لا تلي نص الدستور ولا هي مفسرة له ، فالقوانين التنظيمية ليست بمناشير او دوريات تفسيرية ، ولاهي مكملة له كما يرى بعض الكتاب وإلا اضحت من الدستور وجزء لا يتجزأ منه كما هو مشار اليه بالنسبة لديباجة الدستور الحالي ، فالدستور يحدد فقط اختصاص ومجال القوانين التنظيمية كما هو يحدد اختصاصات البرلمان والمجالات الخاصة به ، فالمطلوب من القوانين التنظيمية ان تكون مطابقة للقواعد الدستورية ، والا تصرح المحكمة الدستورية بعدم مطابقتها للدستور.
وكما سبقت الاشارة الى ذلك ، فالدستور الحالي وفي فصله 86 تميز بالوضوح حيت حدد القوانين التي تستوجب عرضها على البرلمان للمصادقة عليها من قبله في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الاولى التي تلي صدور الامر بتنفيذ الدستور ، ويتعلق الامر بالفصول التالية: 5/10/12/14/15/29/44/49/62/63/37/90/92/112/133/131/112/ 146 67/87/ 153 ، كما اشار بكل وضوح في الفصل 72 الى ان للسلطة التنظيمية مجالات اخرى لا تدخل في اختصاص القانون اي المجالات التي يعود امر الاختصاص فيها الى البرلمان ، كما انها لا تتمتع بحماية خاصة ، لكون عملية صياغتها من اختصاص الحكومة وإلا اصبحت القوانين الاخرى غير ذي موضوع خصوصا الصادرة عن مؤسسة البرلمان ، هذا الاخير الذي أقر له الدستور حق المصادقة عليها ، كما ان تنفيذها رهين بتصريح المحكمة الدستورية .
بالإضافة الى ما سبق، فالفصل 86 لم يترتب عنه اية مساءلة عند عدم احترام الحكومة للفترة المحدد دستوريا ، بل اقر بان القوانين التنظيمية السالف تحديدها تستوجب وجوبا عرضها على البرلمان للمصادقة عليها ، كما لا يمكن استصدار الامر بتنفيذ القوانين التنظيمية الا بعد ان تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور .
ويتبين ، بان المصادقة على القوانين يتطلب فترة من الزمن خصوصا وان البرلمان المغربي وفق الفصل 60 يتكون من مجلسين ، النواب ومجلس المستشارين ، اللهم ما اذا تم تفادي المسطرة السالف ذكرها باللجوء الى الفصل 66 حيت يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية ، اما بمرسوم ، او بطلب من ثلثي اعضاء مجلس النواب او بأغلبية مجلس المستشارين .
القوانين التنظيمية وشرعية الحكومة : ان مفهوم الشرعية الذي ورد في الكتابات المشار اليها اعلاه، هو مصدر فعل شرع ، المراد به سن القوانين ، أي القيام بعملية تشريع وصياغة للقوانين طبقا للمساطر المحدد له ، وعلى هذا الاساس ،ان مفهوم الشرعية من الناحية الدستورية مرتبط بمطابقة القوانين التنظيمية للقواعد الدستورية والتي في نهاية المطاف تستوجب تصريح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور . وخلاصة القول ان مفهوم الشرعية لا يفي بالمراد الوارد في الكتابات السالف ذكرها،
ان التحليل المشار اليه ، يحيل الى مفاهيم اخرى ، كمفهوم المشروعية والثقة والأداء الجيد للحكومة 'حيت يقصد -بمفهوم المشروعية - توافق تصرفات وسلوك السلطة السياسية مع مقتضيات القانون والعدالة '.وللتذكير ،ان اغلب الكتابات لا تميز بين الشرعية والمشروعية ، والثقة يعنى بها الجرأة والشجاعة في مواجهة التحديات كما ان الاداء الجيد للحكومة يرتبط بتدبير الشأن العام وصنع السياسات العمومية الجيدة ، ولقد استطاعت الدراسات التي تناولت العلاقة بين المفاهيم السالف ذكرها من وضع قواعد واليات لتفسير تصرفات والسلوكات التي تهدد الحكومات ونفور الشعب منها وتدني نسبة المشاركة السياسية، وتضمنت بعض المقالات المنشورة في " المجلة المتخصصة في مقارنة السياسات الدولية " بأن الثقة السياسية تستند على العلاقة بين الأداء السياسي الجيد للحكومات والمتطلبات السياسية ، وان أزمة الثقة ( LA defiance )هي نتيجة لعدم تحقيق المتطلبات وتدني الأداء الجيد للحكومة ، كما ورد في نفس المقال بأن الثقة السياسية تطلب المعرفة بالحقل السياسي والتقييم االموضوعي له، وان أزمة الثقة تتولد من انعدام المعرفة بالحقل السياسي والتقييم الموضوعي له، وذلك مانراه في العديد من الكتابات .
يتبين من خلال مضمون ما سبق توضيحه ، بأن السلوك وتصرفات الحكومة لا تفسره عدم استصدار القوانين التنظيمية ولا تنفي شرعيتها الدستورية وانما الامر يرتبط بكيفية تدبيرها للشأن العام واذا ما لوحظ تدني الاداء الجيد للحكومة مما لا شك فيه سيولد ازمة للثقة بين الفاعلين في الحقل السياسي ، كما ان غياب المعرفة به وغياب التقييم الايجابي له سيزيد من استفحال الازمة .
| |
|