على إثر وفاة أحد أعز أصدقائي بسبب حادثة سير، اتقدم في حقه بهذه الكلمات:
ماذا عسانا نقول وقد رحلت عنا دون وداع وفي غير ميعاد، وماذا عسانا نفعل وقد أرادك الذي جاء بك .....تعجز الكلمات عن وصف ألم الفراق أمام هول الفاجعة....وحده الموت يعرف متى يحضر ومتى يغيب، وحده الموت يعرف من يترك ومن يأخذ، وحده الموت حاسم وقوي، سلطة فوق كل السلط، نهاية البدايات ونهاية النهايات، وغاية الغايات، ينزع منا من نحب، في لحظة ضعفنا، أو في لحظة قوتنا، لأننا ضعفاء أمام قوته.....
تزلزلني وتشعرني بالخشية والهيبة هذه الآية (أينما تكونوا يدرككم الموت)....وهكذا أدركك الموت ...وأسرتك مازالت في حاجة إليك ... ونحن، نحن الذين عاشرناك وعرفناك عن قرب، مازلنا لم نرد لك جميلك...
نتذكرك دائما، صديقنا العزيز، من منا لا يحن لتلك اللحظات، فقد كنت كريم الطبع، طيب القلب، دائم الإبتسامة، صادق الحديث... ولتعذرني الخنساء في استعارتي منها هذه الكلمات، وبكل صدق، لم أر مثلك رزءا لجن، ولم أر مثلك رزءا لإنس.....
رغم بعدك عنا فقد ظللت دائما تسأل عنا، واحدا واحدا، دائما أنت أول من يسأل... دائما أنت أول من يبادر....سامحنا يا صديقنا العزيز، لم نظن أنك سترحل، فقد كانت لنا آمال....كنا ننتظر أن تهدأ الدنيا لنسأل عنك.....كنا نرنو إلى لقائك في الدنيا قبل الآخرة، لكن كما قال ابن الرومي، فقد شاء الله غير مشيئتنا ولله إمضاء المشيئة لا العبد، وهكذا أنجز فيك الموت وعده، وأخلفت الآمال ما كان من وعد....
فنم قــرير العين يا صديق، فروحك الطاهرة ترفرف بيننا، وصورتك الجميلة لن تفارقنا، ونحن لن ننساك، لن ينساك أي مكان في هذه المدينة لن تنساك الغابة مادام فيها أشجار، لن تنساك الجبال ما دامت شامخة، ولن تنساك جفون الوديان و لا عيون العيون .....
ونحن، ليس لنا والله إلا الصبر على قضاء الله و قدره، وليس لنا إلا الدعاء لك بالمغفرة والرضوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
حسن الفن